النظرية البنائية مستقبل التعلم في القرن الواحد و العشرين
إن النظرية البنائية للتعلم تؤكد على أهمية بناء المتعلمين ثم إعادة بنائهم للمعاني الخاصة بأفكارهم المتعلقة بالعالم من حولهم. وأن الخبرة تتطلب إثارة لجميع الحواس عند المتعلم حتى يحصل على تعلم ذي معنى. ويمكن وصف البنائية من خلال مثل صيني قديم يحمل أهدافها “أسمع وأنسى”، ” أرى وأتذكر”،” “أعمل وأفهم.
حيث تعد النظرية البنائية في التربية جزءاً من التفكير الجديد الذي ينسب إلى بياجيه،
ويعود بجذوره إلى البنائية الشخصية، وكانت ً سببا في ظهور وجوه متعددة للبنائية وهي تحتل مكانة متميزة بين نظريات التعلم الأخرى، واعتبارها طريقة تدريس مثالية في مجالي العلوم والرياضيات بصفة خاصة، والمجالات المعرفية الأخرى بصفة عامة، فهي تركز على أن التعلم عملية تفاعل نشطة يستخدم فيها التلميذ أفكاره السابقة لإدراك معاني التجارب والخبرات الجديدة التي يتعرض لها.
ومن خـلال اسـتقراء أدبيـات التـراث النفـسي والتربـوي لا يوجـد تعريـف محـدد للبنائيـة يحـوي بين ثناياه كل ما يتضمنه المفهوم من معاني أو عمليات نفسية، بل حاول بعض منظـري البنائيـة تعريفهـــا مـــن خـــلال رؤى تعكـــس التيـــار الفكـــري الـــذي ينتمـــون إليـــه ســـواء كـــان تيـــاراً جـــذرياً، أو اجتماعياً، أو ثقافياً، أو نقـدياً،
إلا أن خلاصة تحليل تلك الرؤى تدور حـول تعريـف البنائيـة علـى أنها:
عمليـة إعـادة بنـاء المتعلمـين لمعـاني جديـدة داخـل سـياق معـرفتهم الآتيـة مـع خبـرتهم الـسابقة.
ويتضح من التعريفات السابقة أنها تتفق معظمها في النقاط التالية:
- تعتبر البنائية نظرية في التعلم.
- يقوم المتعلم فيها ببناء معرفة جديدة.
- يعتمد المتعلم على معرفته السابقة الموجودة في بنيته العقلية.
نلاحظ مما سبق أن البنائيــة نظريــة فــي الـتعلم تقــوم علــى بنــاء المـتعلم للمعرفة فـي بنيتـه العقليـة معتمـداً علــى المعرفـة الـسابقة الموجـودة لديـه، حيـث يـتم تكـوين مفـاهيم جديدة أو توسيع مفاهيم قديمة، وتمييز علاقات جديدة.
مبادئ النظرية البنائية
تركز النظرية البنائية على عدد من المبادئ الأساسية:
من خلال العرض السابق لمبادئ البنائية نلاحظ الاتفاق على المبادئ التالية:
بيئة الصف البنائية
يتطلب تنفيذ المنهاج التحول من البيئة الصفية الاعتيادية التقليدية إلى البيئة الصفية البنائية توجهات عديدة في تنفيذ منهاج العلوم وتدريسه، بحيث تتم تهيئة بيئة صفية تتسم بالآتي :
من خلال ما سبق نلاحظ أنه إذا أردنا التحول إلى بيئة صفية بنائية لا بد من:
مقارنة الصفوف التقليدية والصفوف البنائية
عند إجراء مقارنة بين الصفوف البنائية والصفوف التقليدية يتضح الفرق بينهما كما هو موضح في الجدول التالي:
مما سبق نلاحظ أن الصفوف البنائية تعمل على جعل التعلم أكثر مرونة وتكسب المتعلمين مهارات كالعمل في مجموعات، وتنمي المفاهيم ومهارات التفكير وتسعى إلى إيجاد مناخ ملائم للتعلم.
تصميم التعليم وفقاً للفكر البنائي
لقد تمخض تحليل معالم تصميم التعليم في بلورة العناصر التي تعكس تصميم التعليم وفقاً للفكر البنائي،
أولاً: محتوى التعلم
يخزن في صورة مهام أو مشكلات حقيقية ذات صلة بواقع التلاميذ وحياتهم.
ثانياً: الأهداف التعليمية
تصاغ في صورة أغراض عامة تحدد بصورة إجرائية من خلال التفاوض الاجتماعي بين المعلم والمتعلم، بحيث يتضمن فرضاً عاماً لمهمة التعلم يسعى جميع الطلاب لتحقيقه، ً فضلا عن أغراض ذاتية أو شخصية تخص كل متعلم أو عدة تلاميذ كل على حدة.
ثالثاً: استراتيجيات التدريس
تعتمد على مواجهة الطلاب بموقف مشكل حقيقي في محاولة لإيجاد حلول له وذلك من خلال البحث والتنقيب والتقصي والتفاوض الاجتماعي حول تقويم وتحديد أكثر هذه الحلول فعالية.
رابعاً: الوسائط التعليمية
تركز على استخدام الوسائط المتعددة التفاعلية التي يتم التركيز خلالها على دمج وتوظيف كل من عناصر الصوت والصورة والنص والرسومات البيانية والتوضيحية بما يسمح للمتعلم بالتفاعل والدخول في مسارات متعددة للتعلم.
خامساً: التقويم
حيث لا يقبل البنائيون نمطي التقويم مرجعي المحك ومرجعي المعيار، ويكون الاعتماد على التقويم الحقيقي أو التقويم البديل، والتقويم الذاتي، كما يولي البنائيون دوراً للتقويم التكويني.
سادساً: المتعلم والمعلم البنائي
هناك ثلاثة أدوار مميزة للطالب ( المتعلم البنائي ) وهي:
– الأول : ( المـتعلم النـشط )، The active learner فالمعرفـة والفهـم يكتـسبان بنـشاط، والطالــب المــتعلم ينــاقش ويحــاور، ويطــرح أســئلة، ويــضع فرضــيات تنبئية تفــسيرية، ويستقــصي ويتحــرى علميــاً، ويأخــذ مختلــف وجهــات النظــر بــدلاً مــن الــسماع أو القــراءة أو القيــام بالأعمــال الروتينية الاعتيادية.
– الثاني: ( المتعلم الاجتماعي)، The social learner وفي هذا تبنى المعرفة والفهم اجتماعياً، فالطالب المتعلم لا يبدأ ببناء المعرفة بشكل فردي فحسب، وإنما بشكل اجتماعي عن طريق الحوار والمناقشة والتفاوض الاجتماعي مع الآخرين.
– الثالث: ( المتعلم المبدع )، The creative learner فالمعرفـة والفهـم يبتـدعان ابتـداعاً، فالطلبة المتعلمون يحتاجون لأن يبتدعوا المعرفة، ولا يكفي بافتراض دورهم النشط فقط.
إن المتعلم يلعب دوراً نشطاً في عملية تعلمه، ويمتد نشاطه حتى بعد التعلم لمرحلة تقويم تعلمه ذاتياً، وتأكيداً على ذلك يقول “جان بياجيه: “حتى تفهم لا بد لك أن تكتشف، وتعيد بناء ما تعلمت. ويصبح ذلك متاحاً عندما تؤهل المتعلم للإبداع والإنتاج، وليس التكرار“. في ضوء هذه الكلمات نجد أن البنائية تنظر للمعرفة على أنها تبنى داخل العقل، وتركز على المعرفة القبلية، وهي بذلك ترفض أن يكون المتعلم سلبياً وتسكب في عقله المعلومات ويأتي دوره هو ليكرر ما حفظ.
أما المعلم فيلعب دور المرشد، أو الموجه، أو الميسر ٕ Facilitator وإذا كان التعلم ً قائما على معرفة سابقة لدى المتعلم، فإنه يقع على عاتق المعلم أن يوفر بيئة تعليمية تبرز الاختلاف بين الخبرات الحالية للطلاب والخبرات الجديدة التي يتعرضون لها، أو يمرون بها، وتمثل هذه البيئة تحدياً للمتعلم تدفعه للتعلم وتحثه عليه. ويراعى تخصيص وقت كاف للتعلم. وتعد هذه النقطة من عيوب التعلم البنائي لأن طول الوقت يسمح للطلاب بالتفكير في الخبرات الجديدة بشكل أكثر عمقاً، ً وتأملا، ووضعها في نسق واحد مع الخبرات السابقة.
و تتمثل سمات المعلم البنائي على النحو التالي:
والخلاصة أن تلك العناصر تعكس التعلم البنائي والتي تمثلت في المحتوى على شكل مهام أو مشكلات، والأهداف التعليمية التي تحدد بصورة إجرائية، والوسائط التعليمية التي تعد مهمة لدمج الطلاب وتفاعلهم، واستراتيجيات التدريس التي تعتمد على البحث والتقصي. وتشمل العناصر دور المتعلم الذي له دور مميز ونشط في العملية التعليمية، والمعلم الذي يتمثل دوره في تيسير التعلم، وتسهيل المعرفة، وتوجيه الطلبة لبنائها.
Originally posted 2020-11-07 23:11:00.